تم النشر في: 13 ديسمبر 2022

لماذا الدولار هو سعر المقياس للاقتصاد العالمي و لسوق الفوركس؟

الكاتب: ضرار حسن

لماذا الدولار هو سعر المقياس للاقتصاد العالمي و لسوق الفوركس؟
جدول المحتويات
لنعرف أوّلاً ما هو الدولار؟
رحلة صعود الدولار
الدولار حالياً
الدولار بالأرقام

ترتبط كلمة الدولار في أذهاننا جميعاً بالثروة والمال والاقتصاد، ذلك لا يحدث بدون مبرّر طبعاً، فاقتصاد الدولار قد سيطر على الاقتصاد العالمي ، لكن لماذا؟

يتمتّع الدولار بالقوة والاستقرار والدعم من قبل أقوى اقتصادات العالم على مدى السبعين عام الماضية، اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية.

ولا يمكن إهمال القوة العسكرية والمكانة السياسية للدولار الّتي تمنحنا ثقة كبيرة لاستخدامه في تداولاتنا واستثماراتنا و حتّى أسفارنا وسياحتنا ومشترياتنا.

الدولار في قلبه عملة تخضع للقوانين الاقتصادية مثلها التي تخضع لها كل العملات، فكيف يحافظ على الهيمنة المطلقة على مقاييس وقوانين الاقتصاد كل هذه السنين.

هذا ما سنكتشفه سويةً في أمانة من خلال هذا السرد التاريخي والاقتصادي.


 

لنعرف أوّلاً ما هو الدولار؟

إذا سألت طفل في سن الخامسة عن الدولار، غالب الأمر أنّه سيرد بإحدى الإجابات الصحيحة.

هو عملة. عملة قيّمة. هو المال . سواء كان يعرفه باسم الدولار أو USD أو بعلامته الأشهر $$.

لكن بشكل أكثر تقني يمكن أن نجيب بأنّه العملة الرسمية للولايات المتحدة الأمريكية، من مواليد عام 1792 نتيجة ما يسمى "قانون النعنع".

في البدء كانت الخزينة الأمريكية تقوم بإصدار الدولار وتنظيمه، حتى عام 1913 حين أصبح يتم اصداره من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، ويمكنك تقسيمه إلى 100 سنت.

لكن هذا لا يجيب عن سؤالنا الأساسي, كيف تحوّل إلى وحدة قياس الاقتصاد العالمي؟ لنجيب عن هذا علينا أن نسافر في الزمن و نخوض أكثر في التاريخ.

معلومة طريفة: بعد الحرب الأهلية , كانت الولايات المتحدة الأمريكية  تمتلك فائضاً من الحبر الأخضر مما دفعها إلى طباعة عملتها باللون الأخضر فقط، ليصبح اللون الأخضر إحدى العلامات المميزة للعملة.

رحلة صعود الدولار


 

كانت الولايات المتحدة الأمريكية قوة اقتصادية عالمية منذ تأسيسها نظراً لمساحتها الواسعة وخيراتها المتنوعة وإمكانياتها الكبيرة، إلّا أنّها لم تكن القوى الاقتصادية الأوحد.

إلّا أن الدمار الاقتصادي الذي لحق بدول العالم - منتصرة كانت أم خاسرة- إبان الحرب العالمية الثانية مهّد الطريق لتوالي أحداث أعطت الدولار مكانته الحالية.

اتفاقية بريتون وود (Bretton Woods) 


 

مع نهاية الحرب العالمية الثانية كان الاقتصاد العالمي منهك بالكامل، حتّى دول أوروبا الغربية التي انتصرت كانت تعاني، إنكلترا خسرت معظم مخزون الذهب الذي يدعم الجنيه الاسترليني لدفع تكاليف الحرب المضنية.

لم يبق على ساحة الاقتصاد العالمي سوى الولايات المتحدة التي نأت نوعاً ما عن الحرب المباشرة وكان تدخّلها محدوداً، وحافظت على مخزون احتياطي ذهب كان الأكبر وقتها.

في 1 يوليو من عام 1944 اجتمع مندوبون من 44 دولة في منطقة بريتون وود (Bretton Woods) في ولاية نيوهامبشير الأمريكية للتناقش في حل للأزمة الاقتصادية العالمية التي لحقت بالحرب.

 وفي 22 من نفس الشهر وقّع المشتركون على اتفاقية بريتون وود الّتي نظّمت الأسس والقواعد والمؤسسات الناظمة للنقد العالمي ولسوق الفوركس وتم تنصيب الدولار زعيماً عالمياً لهذا السوق.

حيث زعمت الولايات المتحدة الأمريكية أنها تمتلك احتياطي من الذهب يكفي لدعم عملتها، وضمنت استبدال كل 35 دولار بأونصة ذهب.

كما تم إنشاء صندوق النقد الدولي IMF و المصرف الدولي للانشاء والتعمير (IBRD) نتيجة المفاوضات التي حدثت في هذا المؤتمر.

ليتم تنظيم سوق العملات العالمية تحت رقابة صندوق النقد الدولي الذي أخذ على عاتقه مراقبة أسعار الصرف وإقراض العملات الاحتياطية للدول التي تعاني من عجز في ميزان المدفوعات.

قامت هذه المؤسسات بتنظيم الاقتصاد العالمي في المرحلة اللاحقة بشكل جيد نظراً لانخفاض حركة رأس المال الدولي ، والتنظيم المالي الصارم ، والمركز الاقتصادي والمالي المهيمن للولايات المتحدة والدولار.


 

صدمة نيسكون Nixon shock

في عام 1971 كانت الولايات المتحدة الأمريكية تعاني من تضخّم نتيجة طباعة العملة لتغطية الأجور والنفقات المرتفعة في الولايات المتحدة.

أعربت بعض الدول عن قلقها نتيجة لما سمّته "دفع تكاليف الرفاهية الأمريكية"، حيث تواجدت تخوفات أن الولايات المتحدة لم تعد تمتلك احتياطي الذهب الكافي لدعم طباعة العملة.

وفي 15 أغسطس, وبغرض الحفاظ على المصالح الأمريكية، أعلن الرئيس ريتشارد نيكسون أن الولايات المتحدة ستتوقف عن استبدال الدولار بالذهب مما شكل فرحة للأمريكيين، وصدمة لبقية العالم.

في اليوم التالي ارتفع مؤشر الداو dow بقيمة قياسية 33 نقطة، وأثنت جريدة نيويورك تايمز على الخطوة التي قام بها الرئيس نيسكون.

لكن في السنوات اللاحقة تسببت هذه الخطوة بكساد عام 1973 مما جعل الخبراء يصفون صدمة نيكسون إنّها حركة سياسية ناجحة لكنّها فاشلة اقتصادياً.

دول العالم لم تستطع الحياد عن التعامل بالدولار رغم فقدانه لدعم الذهب الأمريكي بسبب تخزينها احتياطات عالية من الدولار, كما أنّه لم يخسر قيمته في نظام التداول والتجارة العالميين.

اتفاقية جامايكا وإلغاء قانون الذهب

اجتمعت دول صندوق النقد الدولي في 7 يناير من عام 1976 لإجراء التعديلات اللازمة على اتفاقيات النقد وتداول العملة إثر الصدى الذي سببته صدمة نيسكون.

فتم إقرار تعويم الدولار بالنسبة للذهب وأصبح السعرين منفصلين و قابلين للتغير حسب تغير أسعار الصرف وسوق العرض والطلب.

أصبح الدولار مثله مثل بقية العملات الأخرى في سوق الفوركس، إلّا أنّه لم يفقد هيمنته عليها. حيث أن الاقتصاد الأمريكي القوي بالإضافة للاحتياطات الضخمة من الدولار التي احتفظت بها الدول الأخرى أبقت على مكانته كأكثر العملات استقراراً والأكثر مبادلة بين أزواج العملات في سوق الفوركس.


 

الدولار حالياً

بالرغم من الجدل الذي يحيط بالدولار إلّا أنّه يبقى عملة الاحتياط العالمي، حيث أنّه ما زال يشكل 59% من الإحتياطات النقدية العالمية للدولار سواء بشكله النقدي أو بسندات الخزينة الأمريكية.

بالرغم من الديون الأمريكية الأكبر في العالم (13.4 تريليون دولار) ومن أنّه ليس أغلى عملة على الإطلاق (من نصيب الدينار الكويتي الذي يعادل 3.25 دولار أمريكي) إلّا أنّه يظل عملة النقد الأكثر طلباً.

يرى بعض المحللين الماليين أن الدولار الأمريكي في الأيام الحالية يكتسب قيمته كوحدة قياس للاحتياطي النقدي، و كمعيار تداول للتجارة العالمية بشكل أساسي.

بالرغم من دعوة بعض البلدان لاستبدال الدولار الأمريكي بعملة عالمية موحدة غير مرتبطة ببلد معيّن(روسيا والصين على رأس القائمة) إلّا أنّه حتّى اللحظة لا يوجد بديل جدّي ليأخذ مكانه.

قد تشكّل العملات الرقمية بديلاً مستقبلياً للدولار، إلّا أنّ لا مركزيتها الشديدة بالإضافة لتلقلباتها الكبيرة ما تزالان تمنعان الدول الكبرى من اعتناقها بشكل رسمي.


 

الدولار بالأرقام


 

لنتعرف سوية على بعض الأرقام التي تعطي نسبية معينة لحجم تأثير الدولار الأمريكي على الاقتصاد العالمي:

  • الدولار واحدة من 185 عملة رسمية في سوق الفوركس إلّا أنّه يدخل في حوالي 90% من التداولات، علماً أنّه يتم تداول ما قيمته 6.6 تريليون دولار يومياً
  • يوجد 2.1 تريليون دولار مطبوع يتم تداوله بشكل نقدي
  • تمتلك البنوك الغير أمريكية ما يعادل 27 تريليون دولار من العملات الأجنبية 18 تريليون دولار منها بالدولار بنسبة تتجاوز 65% من الاحتياطات النقدية في البنوك
  • 40% من الدين العالمي يتم اصداره بالدولار



 

بإمكانك أن تقرأ المزيد لتتعلم مع أمانة كل شيء عن سوق الفوركس وتداول العملات


 

شارك المقال

حمّل تطبيق أمانة

دع أمانة ترافقك أينما كنت

MobilemobileR